فى ذكرى ميلاد فريد شوقي.. وحش الشاشة الذي غير وجه الفن المصري

يصادف اليوم، الأربعاء 30 يوليو، ذكرى ميلاد فنان استثنائي قلما يجود الزمان بمثله، هو فريد شوقي، الذي طبع اسمه بحروف من نور في سجلات الفن المصري والعربي لم يكن مجرد ممثل يطل على الشاشة، بل كان ظاهرة فنية شاملة، جمع بين قوة الأداء وعمق الرؤية ، ارتبط اسمه بلقب "وحش الشاشة"، إلا أنه تجاوز هذه الصورة النمطية ليصبح كاتبًا مبدعًا ومنتجًا ملهمًا، ورائدًا قاد حركة التغيير والتطوير في السينما المصرية على مدار عقود مسيرة فنية حافلة بالنجاحات والإنجازات، انتهت برحيله عن عالمنا عن عمر يناهز 77 عامًا، بعد صراع مع التهاب رئوي حاد استمر نحو عامين، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا لا يزال يلهم الأجيال.

نشأة وحش الشاشة وبداياته الفنية
ولد فريد شوقي في مثل هذا اليوم من عام 1920 بحي السيدة زينب العريق بالقاهرة نشأته في هذا الحي الشعبي ألقت بظلالها على شخصيته الفنية، فكانت أعماله دائمًا ما تعكس نبض الشارع وهموم البسطاء. منذ نعومة أظافره، بدت عليه علامات الولع بالتمثيل، وهو ما لقِي تشجيعًا كبيرًا من والده.
تلقى فريد شوقي تعليمه الابتدائي في مدرسة الناصرية، وحصل على شهادته الابتدائية في سن الخامسة عشرة لم تتوقف طموحاته عند هذا الحد، فالتحق بمعهد الهندسة التطبيقية، وعمل في مجال الهندسة لثماني سنوات إلا أن الشغف بالفن كان أقوى، فقرر الانضمام إلى معهد التمثيل عام 1947، وكان من أوائل دفعاته، وهو ما كان بمثابة نقطة تحول حاسمة في حياته، ليشق طريقه نحو النجومية.

رحلة فنية حافلة: من "الفتوة" إلى "البخيل وأنا"
لم يتوقف فريد شوقي عند حدود التمثيل، بل كان فنانًا شاملًا، يمتلك رؤية متكاملة للعمل الفني عرف عنه إنتاجه للعديد من الأفلام التي لم يكتفِ ببطولتها، بل شارك في كتابة سيناريوهاتها وإنتاجها، إيمانًا منه بأهمية المحتوى وتأثير الرسالة الفنية ، تنوعت أدواره بشكل لافت، فلم يحصره الجمهور في قالب محدد ، برع في أدوار الشر التي جسدها ببراعة منقطعة النظير، فكان "الفتوة" من أبرز أعماله التي ترسخت في الذاكرة الجمعية. لكنه لم يتردد في الانتقال إلى أدوار البطل الشعبي الذي يدافع عن الحق ويقف في وجه الظلم، مقدمًا نموذجًا للبطل الإيجابي في أفلام مثل "جعلوني مجرمًا".

تأثيره على السينما والدراما المصرية
تجاوز تأثير فريد شوقي حدود الشاشة الفضية ليشمل الدراما التلفزيونية والمسرح ، قدم العديد من الأعمال الدرامية الخالدة التي لا تزال تُعرض حتى اليوم، مثل مسلسل "البخيل وأنا" الذي أظهر جانبًا كوميديًا مختلفًا في شخصيته الفنية، ومسلسل "صابر يا عم صابر" ، كما كان له بصمات واضحة على المسرح المصري، حيث قدم أعمالًا مسرحية ناجحة أثرت في الحركة المسرحية.
لم يكن فريد شوقي مجرد ممثل يحفظ أدواره، بل كان فنانًا ملتزمًا بقضايا مجتمعه، استخدم فنه كمنصة لمعالجة المشكلات الاجتماعية والظواهر السلبية كان صوته قويًا معبرًا عن آمال وطموحات البسطاء، وهو ما جعله قريبًا من قلوب الجماهير على اختلاف شرائحهم.

إرث خالد وتأثير لا يزول
رحل فريد شوقي بجسده، لكن إرثه الفني لا يزال حيًا، يتردد صداه في كل عمل قدمه ،لم يترك خلفه مجرد أفلام ومسلسلات، بل ترك مدرسة في الأداء والالتزام الفني، ألهمت أجيالًا من الممثلين والمخرجين والكتاب وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الفن العربي كفنان استثنائي، حمل على عاتقه رسالة الفن بصدق وإخلاص، وترك بصمة لا تُمحى على الشاشة المصرية والعربية.