لطفي لبيب.. جسّد العدو في الفن وواجهه في الحقيقة ورفض تكريمه حتى بعد النجاح

تلقت الأوساط الفنية والجماهيرية نبأ رحيل الفنان القدير لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض فنان من طراز خاص لم يكن مجرد ممثل يطل على الشاشة، بل قامة فنية أثرت الحياة الثقافية المصرية بأعمال خالدة وأدوار لا تُمحى من الذاكرة وداعًا لقامة فنية تركت بصمة لا تمحى في تاريخ الفن المصري، وستبقى أعماله شاهدة على موهبته الفذة وعطائه الفني المتواصل وفي هذا التقرير نرصد أهم أعمال لطفي لبيب و نشأته الفنية.
نشأة فنان وتضحية بطل
ولد الفنان لطفي لبيب عام 1947، وبدأ رحلته الفنية في فترة السبعينيات لم تكن بداياته سهلة، فقد واجه التحديات التي تصقل شخصية الفنان الحقيقي ما يميز مسيرة لطفي لبيب ليس فقط موهبته الفنية، بل أيضًا تضحياته الوطنية فقد أدى خدمته العسكرية في صفوف الجيش المصري إبان حرب أكتوبر المجيدة، وهي تجربة عميقة شكلت وجدانه وأثرت في رؤيته للحياة والفن هذه الفترة من حياته، التي امتدت لست سنوات، كشف عن تفاصيلها لاحقًا في أحد مؤلفاته، وتحديدًا سيناريو "الكتيبة 26"، ليقدم بذلك شهادة حية على بطولة أبناء الوطن.

مسيرة فنية حافلة بالعطاء
قدم لطفي لبيب على مدار مسيرته الفنية أكثر من 100 فيلم سينمائي و30 عملًا دراميًا، تاركًا بصمة مميزة في كل دور قدمه تنوعت أدواره بين الكوميديا والتراجيديا، ولكنه أبدع بشكل خاص في الأدوار التي تتطلب عمقًا نفسيًا وحضورًا قويًا عمل مع كبار النجوم في السينما والدراما المصرية، وكان له دور بارز في دعم المواهب الشابة، والوقوف إلى جانبهم في بداية طريقهم نحو البطولة.

لعل من أبرز محطاته السينمائية كان تعاونه المتكرر مع الزعيم عادل إمام قدم الثنائي معًا أعمالًا لا تُنسى، كان آخرها فيلم "السفارة في العمارة"، حيث جسد لطفي لبيب شخصية السفير الإسرائيلي ببراعة واحترافية عالية، مما أظهر قدرته على تقمص الأدوار المختلفة بصدق وإتقان.
وبعد نجاحه فى تجسيد شخصية السفير الإسرائيلي تلقى دعوة من السفارة الإسرائيلية لتكريمه بسبب أداءه فى تجسيد السفير إلا أنه رفض رفضا قطعيا هذا التكريم.
كما شارك الزعيم في مسلسلات درامية مثل "عفاريت عدلي علام" و"صاحب السعادة" ولم يقتصر تعاونه على هؤلاء، بل امتد ليشمل أسماء مثل مي عز الدين وحسن حسني ومحمد سعد وأحمد مكي ، و شكّل ثنائيا مميزا مع محمد هنيدي في أفلام مثل "جاءنا البيان التالي" و"يا أنا يا خالتي"، ما فتح له أبواب النجاح في سينما الشباب.
شارك لطفي لبيب في المسرح والسينما والتلفزيون، ولعب أدوارًا صوتية مؤثرة، منها "مغامرات كوكو"، ولمع في "الخواجة عبد القادر" ، ولم يندم على أي عمل، حتى دون المستوى، لأنه كان يؤديه بدافع الظروف، قائلًا: "الأهم أن أعمل بضمير حتى في أسوأ الأوقات".
تحديات صحية واعتزال مؤلم
شهدت السنوات الأخيرة من حياة الفنان لطفي لبيب تدهورًا مستمرًا في حالته الصحية قبل نحو سبع سنوات، تعرض لجلطة دماغية أدت إلى شلل نصفي في الجانب الأيسر من جسده، مما أجبره على الابتعاد عن الأضواء والتوقف عن الحركة لفترة طويلة ورغم محاولاته المتكررة للعودة إلى الساحة الفنية من خلال مشاركات بسيطة، إلا أن الظروف الصحية لم تسمح له بالاستمرار بفاعلية كما كان في السابق.
ازدادت معاناته الصحية، حيث خضع لعملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم في الحنجرة، مما أثر بشكل ملحوظ على صوته وأمام هذه التحديات الجسيمة، أعلن الفنان لطفي لبيب قراره بالاعتزال الفني بشكل رسمي ونهائي وعلى الرغم من حزنه على الابتعاد عن عشقه الأول، التمثيل، فقد أعرب عن رضاه التام عن مسيرته الفنية الحافلة التي تجاوزت 380 عملًا فنيًا متنوعًا وقد أشار إلى أنه سيتجه للتركيز على الكتابة كشكل جديد للتعبير عن إبداعه الفني، وهو ما بدأه بالفعل في السنوات الأخيرة.

"مرعي البريمو" بصمة الوداع السينمائي
كان فيلم "مرعي البريمو" آخر الأعمال السينمائية التي شارك فيها الفنان لطفي لبيب، ليكون بمثابة الوداع الأخير له على شاشة السينما جسد فيه دورًا مميزًا إلى جانب كوكبة من النجوم مثل محمد هنيدي وغادة عادل وأحمد بدير ومحمد محمود وعلاء مرسي ومصطفى أبو سريع ونانسي صلاح ونيللي محمود هذا الفيلم الذي كتبه إيهاب بليبل وأخرجه سعيد حامد، شكل بصمة أخيرة للفنان في عالم السينما قبل ابتعاده عن الأضواء بسبب ظروفه الصحية القاسية.

رحل لطفي لبيب، ولكن أعماله ستبقى خالدة في ذاكرة الفن المصري، وستظل أدواره المتنوعة شاهدة على موهبته الفذة وحضوره الطاغي فنان جمع بين العطاء الفني والوطني، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا ثريًا سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.