ميمي جمال: سبعون عامًا من الإبداع والوفاء في المهرجان القومي للمسرح المصري

شهدت الدورة الثامنة عشرة المهرجان القومي للمسرح المصري، برئاسة الفنان محمد رياض، احتفالية استثنائية بتكريم قامة فنية كبيرة، الفنانة القديرة ميمي جمال ، جاء هذا التكريم في ندوة خاصة أُقيمت ضمن فعاليات المهرجان، سلطت الضوء على مسيرتها الفنية الحافلة التي امتدت لأكثر من سبعين عامًا من العطاء والإبداع، وتزامنًا مع إطلاق الكتاب التوثيقي عنها بعنوان "ميمي جمال.. سبعون عامًا من الإبداع"، الذي أعدته الدكتورة مها فاروق وأدارت الندوة الإعلامية سلمى عادل ،حضر الاحتفالية نخبة من نجوم الفن والإعلام، يتقدمهم رئيس المهرجان الفنان محمد رياض، والفنان صبري فواز، والمخرجان عادل عوض وعمرو عابدين، إلى جانب عدد كبير من النقاد والمهتمين بالشأن الفني.
إهداء مؤثر لرفيق الدرب حسن مصطفى
استهلت الفنانة ميمي جمال كلمتها المؤثرة بإهداء تكريمها لزوجها الراحل، الفنان القدير حسن مصطفى بكلمات تملؤها الوفاء والحب، قالت: "تمنيت لو ألقيت هذه الكلمة يوم الافتتاح لأهدي هذا التكريم لزوجي وحبيبي، فهو كل شيء في حياتي، وكان السند والظهر عشت معه عمري كله وأنجبت منه ابنتين. أتمنى أن يُكرَّم هو أيضًا، فقد كان قيمة فنية وإنسانية عظيمة، رحمه الله."
كما استعرضت ميمي جمال بداية رحلتها الفنية منذ الطفولة، مشيرة إلى تعاونها مع كبار النجوم مثل محمد عوض، وعبد المنعم مدبولي، وسمير غانم، وفؤاد المهندس وروت عن التحاقها بفرق التليفزيون المسرحية وعملها مع المخرج نور الدمرداش، مبرزة بداياتها المسرحية مع محمد عوض في أعمال مثل "مطرب العواطف"، و"أصل وصورة"، و"سفاح رغم أنفه".
وأكدت الفنانة القديرة أنها بنت مسيرتها الفنية بعصاميتها، معتبرة لحظة تكريمها تعبيرًا عن الشكر على عمرها المديد في خدمة الفن شددت على أن المسرح يمثل لها كل شيء، وقد قدمت أكثر من مئة عرض مسرحي. وصفت المسرح بأنه تحدٍ دائم، وقالت: "في كل ليلة عرض كنت أشعر بالخوف، فالمسرح ليس سهلًا علمني الالتزام، وأن أمنح المساحة للفنان الذي أمامي، وأن أظل يقظة طوال الوقت، الفنانة الكوميدية يجب أن تتحلى بالوعي والحضور الدائم، لأن الجمهور يستشعر كل لحظة، وهذا ما تعلمته خلال مشواري".
وشددت على أن قيمتها الفنية لم تكن تتوقف على حجم الدور، بل على تأثيره، موضحة: "ما فائدة البطولة المطلقة إذا لم يكن الدور مكتوبًا بشكل جيد؟ البطولة لا تُقاس بالمدة بل بالتأثير" كما عبرت عن سعادتها بالتواصل مع الأجيال الجديدة من الفنانين، وذكرت عملها مع نجوم مثل أحمد حلمي، وتامر حسني، وهنا الزاهد، وجميلة عوض. وأكدت على أهمية مبادرة الأجيال الأكبر بالتواصل مع الشباب لسد الفجوة واختتمت حديثها بتأكيد حبها لمهنتها، وأنها ستظل تعمل طالما شعرت بالقوة والعطاء.
ميمي جمال: كاسرة القالب النمطي للكوميديا
من جانبها، تحدثت الدكتورة مها فاروق عن تجربتها في إعداد الكتاب التوثيقي، معبرة عن شعورها بالخوف في البداية لكون التجربة بعيدة عن تخصصها لكنها سرعان ما اكتشفت شخصية ميمي جمال عن قرب، فوجدتها إنسانة ودودة ومتواضعة وقالت: "لقد أحببتها أكثر حين تعاملت معها، وسعدت بأن أكون جزءًا من هذا التوثيق قدمت أكثر من 530 عملًا فنيًا، ونجحت في أن تكون أول فنانة جميلة تقدم الكوميديا، وكسرت القالب النمطي للفنانة الكوميدية" واشادت بقدرتها على العمل مع كبار النجوم من مختلف الأجيال، مع حفاظها على بصمة فنية مميزة في المسرح والسينما والتليفزيون، معتبرة إياها "بطلة من الطراز الأول".
شهادات حب وتقدير من نجوم الفن
تخللت الندوة كلمات مؤثرة من رموز المسرح والفن المصري، الذين أثنوا على القيمة الفنية والإنسانية للفنانة ميمي جمال قال الفنان محمد رياض، رئيس المهرجان: "الاحتفاء بوجود الفنانة الكبيرة ميمي جمال هو تكريم لنا جميعًا، فقد كانت رمانة الميزان لأي عمل مسرحي، والكوميديا معها كانت فنًا خالصًا، فهي أستاذة في ضبط إيقاع المشهد، وتبث الراحة لكل من يعمل معها".
أما المخرج عمرو عابدين، فقال: "عملت معها وكان ذلك شرفًا كبيرًا لي، فهي ممثلة تدخل الشخصية بروحها، وتملك القدرة على إضحاكك وإبكائك في اللحظة نفسها" ووصف المخرج عادل عوض الفنانة ميمي جمال بأنها ممثلة من العيار الثقيل، وعملاقة مسرح حقيقية، تُعرف بأنها صاحبة "كواليس حلوة"، وتستطيع تهدئة أي توتر داخل الفرقة، وتعد أسرع ممثلة في حفظ الدور.
اختتمت الندوة بتفاعل كبير من الحضور، وشهدت إهداء شيخ المصورين محمد بكر صورة للفنانة ميمي جمال من أحد أعمالها، بحضور نجله الدكتور حسين بكر الأستاذ بالمعهد العالي للسينما وخرجت الندوة محملة بذكريات وحكايات مسرحية وسينمائية أضاءت جانبًا من تاريخ الحركة الفنية المصرية هذا التكريم لم يكن فقط احتفاءً بموهبة فريدة، بل أيضًا بتجربة إنسانية مخلصة لفنها، وصادقة مع جمهورها، وقادرة على أن تظل في القلوب، كما كانت على خشبات المسارح، وفي بيوت المصريين عبر شاشات السينما والتلفزيون.